المَنْهَج
والجَوْدَة الشَّامِلَة
إِنَّ تَطْبِيْقَ مَفْهُوْمِ الجَوْدَةِ
الشَّامِلَةِ فِي التَّعْلِيْمِ يَنْبَغِي أَنْ يَشْمُلَ مُكَوِّنَاتِ المَنْهَجِ
وَعَنَاصِرَهُ بِوَصْفِهِ بُؤْرَةَ العَمَلِيَّةِ التَّرْبَوِيَّةِ وَعَلِيْهِ
يَتَأَسَّسُ تَحْقِيْقُ أَهْدَافِهَا لِذَلِكَ يَنْبَغِي لِلْمُؤَسَّسَةِ التَّعْلِيْمِيَّةِ الَّتِي
تُطَبِّقُ مَفْهُومَ الجَوْدَةِ الشَّامِلَةِ أَنْ تُرَاعِيَ تَوَافِرَ الجَوْدَةِ
لِلْمَرَامِي وَالَمَادَّةِ الدِّرَاسِيَّةِ, وَالطَّالِبِ
وَالتَّدْرِيْسِيِّيْنَ, وَطَرَائِقِ التَّدْرِيْسِ وَالأَنْشِطَةِ :
أَوَّلا:
جَوْدَةُ المَرَامِي
إِنَّ المَرَامِي فِي ظِلِّ الجَوْدَةِ
الشَّامِلَةِ لَا يَكْفِي أَنْ تُشْتَقُّ فِي ضَوْءِ الفَلْسَفَةِ
التَّرْبَوِيَّةِ المُعْتَمَدَةِ وَالامكَانَيَّاتِ المُتَوَافِرِةِ وَخَصَائِصِ
المُتَعَلِّمِيْنَ لِأَنَّهَا فِي ظِلِّ الجَوْدَةِ تَعْبِيْرٌ عَنْ
مُتَطَلَّبَاتِ السُّوْقِ وَحَاجَاتِ المُجْتَمَعِ وَمَا يُرَادُ مِنَ المُؤَسَّسَةِ
التَّعْلِيْمِيَّةِ، وَهَذَا يَقْتَضِي مَا يَأْتِي :
1-إِجْرَاءُ مَسْحٍ
دَقِيْقٍ لِحَاجَاتِ الأَفْرَادِ وَالمُجْتَمَعِ وَالمُؤَسَّسَاتِ مِنْ
الخُرِيْجَيْنَ.
2- تَحَرِّي
المُوَاصَفَاتِ المَطْلُوْبةِ فِي المُتَخَرِّجِ مِنَ المُؤَسَّسَةِ
التَّعْلِيْمِيَّةِ وَمَا يَتَوَقَّعَهُ المُجْتَمَعُ مِنْ مُوَاصَفَاتٍ فِي الخُرِّيْجِ .
3- تَحَرِّي مَا
يَتَوَقَّعَهُ الطَّلَبَةُ أَنْفُسُهِمُ مِنْ خِدْمَةٍ تَعْلِيْمِيَّةٍ دَاخِلَ
المَدْرَسَةِ.
4- تَحْدِيْدُ
المَرَامِي الَّتِي تُغَطَّي مُتَطَلَّبَاتِ المُجْتَمَعِ وَتَوَقُّعَاتِهِ
وَمُتَطَلَّبَاتِ المُتَعَلِّمِيْنَ بِحَيْثِ :
أ- تَعْكِسُ حَاَجَاتِ
سُوْقِ العَمَلِ.
ب_تَعْكِسُ
مُتَطَلَّبَاتِ المُجْتَمَعِ والمُوَاصَفَاتِ الَّتِي يُرِيْدُهَا
ج_ تَعْكِسُ
مُتَطَلَّبَاتِ المُتَعَلِّمِيْنَ وَتَوَقُّعَاتِهِمُ.
د_تَعْكِسُ مُتَطَلَّبَاتِ مُقَدِّمَي
الخِدْمَةِ فِي المُؤَسَّسَةِ التَّعْلِيْمِيَّةِ.
ه_ تُتِيْحُ أَفْضَلَ
اسْتِثْمَارٍ لِمَصَادِرِ المَعْلُوْمَاتِ فِي المُؤَسَّسَةِ التَّعْلِيْمِيَّةِ .
و_ تُتِيْحُ
أَفْضَلَ اسْتِثْمَارٍ لِلْوَقْتِ .
ز_تَتَّسِمُ بِالوَاقِعِيَّةِ وَإِمْكَانَيَّةِ
التَّحْقِيْقِ.
ح_تُوَفِرُ الفُرَصَ
لِاخْتِزَالِ الكُلْفَةِ وَالجُهْدِ المَبْذُوْلِ
5- تَغَيُّرُ
المَرَامِي تَبَعَاً لِتَغَيُّرِ مُتَطَلَّبَاتِ سُوْقِ العَمَلِ وَمُتَطَلَّبَاتِ
العَصْرِ، إِذْ لَا يَنْبَغِي بَقَاءُ المَرَامِي ثَابِتَةً مُدَّةً طَوِيْلَةً
لِأَنَّ طَبِيْعَةَ التَّطَوِّرِ الَّذِي يَحْصُلُ فِي الحَيِاةِ بِمِجِالَاتِهاَ
كَافَّةٍ تَتَّسِمُ بَالسَّرْعَةِ والتَّعْقِيْدِ وَلِمُوَاكَبَةِ هَذَا
التَّطَوِّرِ؛ لَابُدَّ مِنْ تَعْدِيْلِ مَرَامِي مَنَاهِجِ التَّعْلِيْمِ بَيْنَ
الحِيْنِ وَالآخِرِ .
ثَانِيَاً :
جَوْدَةُ المُحْتَوَى (الَمَادَّةُ الدِّرَاسِيَّةُ):
إِنَّ الحُكْمَ عَلَى جَوْدَةِ الَمَادَّةِ
مِنْ مَنْظُوْرِ الجَوْدَةِ الشَّامِلَةِ يَكُوْنُ مِنْ طَرِيْقِ:
1-اسْتِجَابَةُ
الَمَادَّةِ لِلْمُتَغَيِّرَاتِ المَعْرِفِيَّةِ وَالتَّكْنُوْلُوْجِيَّةِ.
2-مَا تُوَفِّرُ لِلْطَّالِبِ مِنْ تَوْجِيْهٍ
فِي الدِّرَاسَةِ وَالبَحْثِ.
3-تَوْفِيْرُهَا
الأَنْشِطَةِ التَّعْلِيْمِيَّةِ الَّتِي تَجْعَلُ الطَّالِبَ مِحْوَرَ
الاهْتِمَامِ فِي العَمَلِيَّةِ التَّعْلِيْمِيَّةِ
4-قدرتها عَلَى خلق
اتجاهات وَقَدرات ومهارات عِنْدَ الطَّلَبَة يتطلبها سوق العَمَل
5-اسْهَامُهَا فِي
زِيَادَةِ وَعْيِّ الطَّلَبَةِ وَثَقَافَتِهِمُ.
6-اسْهَامُهَا فِي
تَنْمِيَةِ الَقَدْرَةِ عَلَى التَّحْصِيْلِ الذَّاتِيِّ لِلْمَعْلُوْمَاتِ مِنْ
طَرِيْقِ البَحْثِ وَالتَّقَصِّي
ثَالِثَاً:
جَوْدَةُ التَّدْرِيْسِيِّيْنَ:
مِنَ المَعْرُوْفِ أَنَّ
التَّدْرِيْسيِّيْنَ يُشَكِّلُوْنَ رِكْنَاً
أَسَاسَاً فِي المَنْهَجِ وَيُمَثِّلُوْنَ مَدْخَلَاً مُؤَثِّرَاً فِي
نِظَامِ المَنْهَجِ لِمَا لَهُمُ مِنْ دَوْرٍ كَبِيْرٍ فِي انْجَازِ عَمَلِيَاتِ
المَنْهَجِ, وَتَحْقِيْقِ مَرَامِي المُؤَسَّسَةِ التَّعْلِيْمِيَّةِ وَأَنَّ
جَوْدَةَ التَّدْرِيْسِيَّ مِنْ مَنْظُوْرِ الجَوْدَةِ الشَّامِلَةِ لِلْمَنْهَجِ
تَعْنِي :
- جَوْدَةُ
تَأْهِيْلِهِ العِلْمِيِّ عَلَى وِفْقِ مَفْهُومِ الجَوْدَةِ.
-جَوْدَةُ تَأْهِيْلِهِ
السُّلُوْكِيِّ وَالِمَهنِيِّ.
- جَوْدَةُ
تَأْهِيْلِهِ الثَّقَافِيِّ .
- جَوْدَةُ
تَزْوِيْدِهِ بِثَقَافَةِ الجَوْدَةِ الشَّامِلَةِ.
-جَوْدَةُ الخِبْرَاتِ
الَّتِي يَمْتَلِكُهَا.
-إِيْمَانُهُ
بِالفَلْسَفَةِ الَّتِي يَتَبَنَّاهَا المَنْهَجُ القَائِمَةُ عَلَى مَفْهُوْمِ
الجَوْدَةِ الشَّامِلَةِ.
رَابِعَاً:
جَوْدَةُ الطَّالِبِ
الطَّالِبُ فِي ظِلِّ المَفْهُوْمِ
الحَدِيْثِ لِلْمَنْهَجِ يُعَدُّ مُحْوَرُ العَمَلِيَّةِ التَّعْلِيْمِيَّةِ
الَّتِي يُرَادُ مِنْهَا تَأْهِيْلُهُ
مَعْرِفِيَّاً وَجِسْمِيَّاً وَوِجْدَانِيَّاً (نَفْسِيَّاً) لِلْتَعَامُلِ مَعَ
الحَيَاةِ وَمُتَطَلَّبَاتِهَا وَلِكِي تَتَحَقَّقُ الجَوْدَةُ لِلْطَّالِب
وَتَعَلُّمَهَ لَابُدَّ مِنْ أَنْ يَمْتَازَ بِالخَصَائِصِ الآتِيَةِ :
1-الانْدِفَاعُ، وَالرَّغْبَةُ
فِي التَّعَلُّمِ، فَالطَّالِبُ الجِيِّدُ هُوَ الرَّاغِبُ فِي التَّعَلُّمِ
لَيْسَ لِغَرَضِ النَّجَاحِ، إِنَّمَا
لِيَتَزَوَّدَ بَالكِفَايَاتِ المَعْرَفِيَّةِ وَالأَدَائِيَّةِ
وَالأَخْلَاقِيَّةِ الَّتِي تُؤَهِّلُهُ لِلْتَعَامُلِ مَعَ مُفْرَدَاتِ الحَيَاةِ
وَتُوَفِّرُ لَهُ فُرَصَ النَّجَاحِ بَعْدَ تَخَرُّجِهِ وَاتِّجَاهِهِ لِلْعَمَلِ
فِي أَيِّ مَجَالٍ مِنْ مَجَالَاتِ الحَيَاةِ الَّتِي يُعَدُّ لِلْعَمَلِ فِيْهَا.
2-القِيَامُ بِدَوْرِ
المُكْتَشِفِ بِمَعْنَى أَنَّ الطَّالِبَ المُجْتَهِدَ هُوَ الَّذِي يَتَعَلَّمُ
بِالاكْتِشَافِ عَلَى وِفْقِ قُدْرَاتِهِ العَقْلِيَّةِ وَالمَهَارِيَّةِ.
3-التَّجْرِيْبُ
وَالمُمَارَسَةُ، وَهَذَا يَعْنِي أَنَّ الطَّالِبَ الجِيِّدَ هُوَ الَّذِي
يَتَعَلَّمُ بِالتَّجْرِيْبِ وَالاسْتِقْرَاءِ وَإِنْ تَكُوْنَ لَهُ رَغْبَةٌ جَامِحَةٌ
لِلْتَعَلُّمِ مِنْ طَرِيْقِ إِجْرَاءِ التَّجَارُبِ وَاكْتِشَافِ الحَقَائِقِ
مِنْ طَرِيْقِهَا.
4-التَّعَلُّمُ
بِالبَحْثِ المُسْتَنِدِ إِلَى التَّشَاوِرِ وَالتَّعَاوِنِ مَعَ المُدَرِّسِيْنَ.
5-التَّعَلُّمُ
بِالمُنَاقَشَةِ، وَالحِوَارِ الهَادِفِ، وَالتَّفَاعِلِ الايْجَابِيِّ بَيْنَهُ
وَبَيْنَ المُدّرِّسِ، وَبَيْنَه وَبَيْنَ الطَّلَبَةِ
6-الَقَدْرَةُ عَلَى
اسْتِثْمَارِ مَعَارِفِهِ السَّابِقَةِ فِي التَّعَلُّمِ الجَدِيْدِ.
وَيَرَى البَاحِثُ
أَنَّهُ لَوْ تَوَافَرَ مِثْلُ هَؤُلَاءِ الطَّلَبَةِ الَّذِيْنَ يَتَمَتَّعُوْنَ
بِهَذِهِ القُدْرَاتِ فَسَنَحْصُلُ عَلَى طَلَبَةٍ يَتَّسِمُوْنَ بِالجَوْدَةِ
وَالقُدْرَةِ عَلَى التَّفْكِيْرِ الحُرِّ وَالنَّقْدِ البَنَّاءِ وَالتَّحْصِيْلِ
المَنْطِقَيِّ وَالتَّطْوِيْرِ وَقَبُوْلِ التَغَيُّرِ نَحْوَ الأَفْضَلِ.
خَامِسَاً:
جَوْدَةُ الأَنْشِطَةِ:
إِنَّ المَقْصُوْدَ بِجَوْدَةِ الأَنْشِطَةِ
هُوَ : شُمُوْلُهَا جَوَانِبَ شَخْصِيَّةِ المُتَعَلِّمِ وَاحْتُوَاؤُهَا عَلَى
مَا يُنَمِّيَ مَعَارِفَهِ وَاتِّجَاهَاتِهِ الايْجَابِيَّةِ وَقِيْمَهِ
وَمَهَارَاتِهِ،فَضْلَاً عَنْ عُمْقِهَا وَاثْرَائِهَا مُحْتَوَى المَنْهَجِ
الدِّرَاسِيِّ وَمُرُونَتِهَا وَمُرَاعَاتِهَا الفُرُوْقِ الفَرْدِيَّةِ،
وَاسْتِيْعَابِهَا مُسْتَحْدَثَاتِ الثُّوْرَةِ المَعْرِفِيَّةِ وَمَا
افْرَزَتَّهُ مِنْ تَحَدِّيَاتٍ عَالَمِيَّةٍ ،وَامْكَانَيَّةِ اسْتِثْمَارِهَا
وَتَطْوِيْرِهَا لِمَا يُلَائِمُ المُتَغِيِّرَاتِ .
سَادِسَاً:
جَوْدَةُ طَرَائِقِ التَّدْرِيْسِ:
هُوَ ابْتِعَادُهَا عَنْ التَّلْقِيْنِ،
وَإِثَارَتُهَا الأَفْكَارِ وَالدَّافِعِيَّةِ عِنْدَ المُتَعَلِّمِيْنَ
وَاهْتِمَامُهَا بِالتَّفَاعِلِ الايْجَابِي الَّذِي يُشَكِّلُ الطَّالِبُ
مُحْوَرَهُ، وَاهْتِمَامُهَا بِالجَوَانِبِ التَّطْبِيْقِيَّةِ وَتَشْجِيْعِهَا
التَّعَلُّمَ الذَّاتِيَّ ،فَضْلَاً عَنْ حُسْنِ اسْتِثْمَارِهَا لِلْوَقْتِ
وَالجُهْدِ، وَجَوْدَةِ تُوْظِيْفِهَا التَّقَنِيَّاتِ الحَدِيْثَةِ وَالوَسَائِلِ
التَّعْلِيْمِيَّةِ لِتَحْقِيْقِ مَرَامِي المَنْهَجِ .
0 التعليقات:
إرسال تعليق